مع ارتفاع أذان الفجر
تذكرته... ذلك الرجل الصالح
الذي قابلته منذ مايزيد عن الخمسة عشر أعوام
قابلته عند جاري الصيدلي الذي يكبرني بعقدين أو أكثر
كان رجلا كبيرا قارب الستين من عمره تقريبا
مشرق الوجه...برغم سمار وجهه بدا مضيئا كما البدر
لكنته الصعيدية المميزة لا تستطيع أن تنساها رغم مرورالأيام والسنين.
لحيته البيضاء أضفت علي ذلك النور وقارا واحتراما واجلالا.
كنا فقط نتبادل التحية حين نلتقي مصادفة عند جارنا
أو حتي التقيته في الشارع مسرعا الي المسجد او عائدا منه
نعم كان من سكان الحي لكني لا أعرف عنه أكثر من ذلك
كنت مصابا بنوع من الحساسية تجعلني اسعل سعالا جافا عنيفا له صوت رنان
سمع ذك السعال يومها
- الف سلامة ... قالها وهو يربت علي كتفي ليستطرد
- شفاك الله وعافاك
- الله يسلمك ياحاج ...
رددت عليه بتلقائية مبتسما وممتنا لدعاءه لي
وانشغلت مرة أخري بحواري مع مضيفا
و انشغل هو الاخر بما كان يفعل
لكنه ما لبث أن استطرد موجها لي السؤال:
- هل تأخذ علاج لهذ السعال؟
استغربت سؤاله ولكني رددت بإبتسامة مرة أخري:
- نعم يا حاج ... جربت الكثير والكثير بلا جدوي.
لم ينتهي الحوار بعد ردي كما اعتقدت
فقد بادرني بسؤال اخر صمت قليلا بعده
- هل أدلك علي علاج مضمون لهذا السعال؟
عندما وجه لي هذا السؤال ... صراحة ... توقعت أن يذكر لي عسل النحل وحبة البركة او أعشاب ما أو وصفة أجدها عند العطار أو غيرها مما يتداوي به الكثير من كبار السن و أصحاب اللحي...!
وقتها كنت في أعوامي الأولي في دراستي بكلية الطب , تلك الكلية العملية التي تعترف بالحقائق التي أثبتتها الدراسات العلمية فقط.
ضحكت في نفسي تلك الضحكة الساخرة متسألا ..أي نعم ...عجزت كل تلك الأدوية والوصفات وخبرات الأطباء ... ياتري ما هي وصفة عم الشيخ؟ لبان دكر مغلي ؟ أم ورق الجوافة المجفف؟
طبعا كان لابد أن أسأله عن ذلك العلاج الذي يعرفه , ان لم يكن عن اقتناع فليكن علي سبيل المجاملة.
- دلني يا عم الشيخ فلقد جربت الكثير من الادوية والوصفات بلا جدوي.
- صلي الفجر...!!!
لم أرد.
وبدت علي وجهي كل علامات التعجب , فلم تكن تلك احدي الإجابات التي أتوقعها
بل كانت أكثر عجبا مما توقعت.
ويبدو انه لاحظ كل تلك علامات التعجب فأشفق عليّ
- يا بني ... صلي الفجر تشفي من ذلك السعال ويطيب صدرك
فما تحتاجه هو الهواء النقي
بعيدا عن التلوث,
وبعيدا عن انفاس العصاه ...
ازدادت الدهشة المرتسمة علي وجهي فبادرته بالسؤال:
- أفهم تماما فكرة التلوث ... وفيها معك كل الحق , ولكني لا أفهم ما تقصدة بنقاء الهواء من أنفاس العصاة؟
- يابني ... وقت صلاة الفجر ... يخلو الجو تقريبا من أنفاس العصاة
ولا تجد فيه الا أنفاس الطيبين الذاكرين ممن قامو لصلاة الفجر
فمن سهر في معصية ... قد نام
ومن نام في غفلة ... ما قام
فتنفس هواء الفجر واملأ منه صدرك هواءا نقيا طاهرا يطيب الصدر ويشفي الداء
وسكت... ولم أرد
ربما لم أرد لانه أجاب علي تساؤل لطالما شغل بالي حينما كنت أسأل عن سر ذلك الاحساس المميز لتنفس هواء الفجر
كنت قديما اكتفيت بمعلومات الفيزياء عن نسب الاكسجين والأوزون المرتفعة في ذلك التوقيت من اليوم
ولكن بعد تلك الاجابة ... اكتشفت السبب الحقيقي
فهواء الفجر مميز بحق ... لأنه يخلو غالبا من أنفاس العصاه.
الشروق في المدينة المنورة
من أجمل الصور التي ألتقطتها في حياتي
"أغسطس 2007"
اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد
تذكرته... ذلك الرجل الصالح
الذي قابلته منذ مايزيد عن الخمسة عشر أعوام
قابلته عند جاري الصيدلي الذي يكبرني بعقدين أو أكثر
كان رجلا كبيرا قارب الستين من عمره تقريبا
مشرق الوجه...برغم سمار وجهه بدا مضيئا كما البدر
لكنته الصعيدية المميزة لا تستطيع أن تنساها رغم مرورالأيام والسنين.
لحيته البيضاء أضفت علي ذلك النور وقارا واحتراما واجلالا.
كنا فقط نتبادل التحية حين نلتقي مصادفة عند جارنا
أو حتي التقيته في الشارع مسرعا الي المسجد او عائدا منه
نعم كان من سكان الحي لكني لا أعرف عنه أكثر من ذلك
كنت مصابا بنوع من الحساسية تجعلني اسعل سعالا جافا عنيفا له صوت رنان
سمع ذك السعال يومها
- الف سلامة ... قالها وهو يربت علي كتفي ليستطرد
- شفاك الله وعافاك
- الله يسلمك ياحاج ...
رددت عليه بتلقائية مبتسما وممتنا لدعاءه لي
وانشغلت مرة أخري بحواري مع مضيفا
و انشغل هو الاخر بما كان يفعل
لكنه ما لبث أن استطرد موجها لي السؤال:
- هل تأخذ علاج لهذ السعال؟
استغربت سؤاله ولكني رددت بإبتسامة مرة أخري:
- نعم يا حاج ... جربت الكثير والكثير بلا جدوي.
لم ينتهي الحوار بعد ردي كما اعتقدت
فقد بادرني بسؤال اخر صمت قليلا بعده
- هل أدلك علي علاج مضمون لهذا السعال؟
عندما وجه لي هذا السؤال ... صراحة ... توقعت أن يذكر لي عسل النحل وحبة البركة او أعشاب ما أو وصفة أجدها عند العطار أو غيرها مما يتداوي به الكثير من كبار السن و أصحاب اللحي...!
وقتها كنت في أعوامي الأولي في دراستي بكلية الطب , تلك الكلية العملية التي تعترف بالحقائق التي أثبتتها الدراسات العلمية فقط.
ضحكت في نفسي تلك الضحكة الساخرة متسألا ..أي نعم ...عجزت كل تلك الأدوية والوصفات وخبرات الأطباء ... ياتري ما هي وصفة عم الشيخ؟ لبان دكر مغلي ؟ أم ورق الجوافة المجفف؟
طبعا كان لابد أن أسأله عن ذلك العلاج الذي يعرفه , ان لم يكن عن اقتناع فليكن علي سبيل المجاملة.
- دلني يا عم الشيخ فلقد جربت الكثير من الادوية والوصفات بلا جدوي.
- صلي الفجر...!!!
لم أرد.
وبدت علي وجهي كل علامات التعجب , فلم تكن تلك احدي الإجابات التي أتوقعها
بل كانت أكثر عجبا مما توقعت.
ويبدو انه لاحظ كل تلك علامات التعجب فأشفق عليّ
- يا بني ... صلي الفجر تشفي من ذلك السعال ويطيب صدرك
فما تحتاجه هو الهواء النقي
بعيدا عن التلوث,
وبعيدا عن انفاس العصاه ...
ازدادت الدهشة المرتسمة علي وجهي فبادرته بالسؤال:
- أفهم تماما فكرة التلوث ... وفيها معك كل الحق , ولكني لا أفهم ما تقصدة بنقاء الهواء من أنفاس العصاة؟
- يابني ... وقت صلاة الفجر ... يخلو الجو تقريبا من أنفاس العصاة
ولا تجد فيه الا أنفاس الطيبين الذاكرين ممن قامو لصلاة الفجر
فمن سهر في معصية ... قد نام
ومن نام في غفلة ... ما قام
فتنفس هواء الفجر واملأ منه صدرك هواءا نقيا طاهرا يطيب الصدر ويشفي الداء
وسكت... ولم أرد
ربما لم أرد لانه أجاب علي تساؤل لطالما شغل بالي حينما كنت أسأل عن سر ذلك الاحساس المميز لتنفس هواء الفجر
كنت قديما اكتفيت بمعلومات الفيزياء عن نسب الاكسجين والأوزون المرتفعة في ذلك التوقيت من اليوم
ولكن بعد تلك الاجابة ... اكتشفت السبب الحقيقي
فهواء الفجر مميز بحق ... لأنه يخلو غالبا من أنفاس العصاه.
الشروق في المدينة المنورة
من أجمل الصور التي ألتقطتها في حياتي
"أغسطس 2007"
اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق