قبل يومين (2)
السبت، 15 يناير 2011
شاهد ما شافش حاجه
شاهد ما شافش حاجه
الزمان: صباح اليوم التالي لهروب الرئيس التونسي
المكان: البلد المقهوره اللي شبه تونس
الحدث: شهادات الشهود علي مادار في قصر الرئاسه منذ اعلان خبر الهروب
الشاهد الأول: ياباشا الزعيم بتاعنا أصلا في غيبوبة وماعرفش بالخبر ... يا باشا صدقني اللي بيطلع في التلفزيون ده واحد شبهه ... داحتي بيقولوا انه مات من زمان أصلا وحكاية الغيبوبة دي أوشاعة...!
الشاهد الثاني: والله العظيم انتوا ظالمين الريس بتاعنا معاكوا ... ماقلتلكم ألف مرة قبل كده ... الناس اللي حواليه بيخبوا عنه الحقايق ...يعني من الاخر ممكن يكون ماعرفش لسه أصلا.
هيا المشكلة في الجماعة اللي حواليه .. منهم لله بوظوا البلد...!
الشاهد الثالث: أنا النهاردة كنت معدي هناك جنب القاعدة الجوية اياها ... وشفت زحمة و"قلق" بيقولا أن في كام طارة هليكوبتر محططوطين علي أهبة الاستعداد...!
الشاهدالرابع: مصادري الخاصة الموثوق فيها بتؤكد ان وزارة الخارجية اعلنت حالة الطوارئ ومنعت اجازات المظفين واستدعت كمان اللي في اجازات و بتجري اتصالات مكثفة مع سفارتنا بالخارج ووزارات الخارجية بمختلف العواصم العالمية
سيادة الزعيم ممكن يتضايق لو لف كتير بالطيارة لازم يبقي في اعداد كويس للزيارة .. اسف .. للهروب المفاجئ.
الشاهد الخامس: بص بأه ... انا هاجيبلك من الاخر.... الواد ابن اختي مجند في الحرس الرئاسي اللي مع الهانم ...! المنيل بيقول ان الريس من ليلة امبارح ماجالوش نوم وعامل اجتماعات لدراسة تداعيات الموقف بس بيقولك ايه كمان ان الهانم جاتلها كام مكالمة ... هوا مش عارف من مين ... بس هوا سمعها بتقول" مانتي اللي غلطانة... حد قالك تمكسهم مناصب سياسية ... بلا نيلة علي السياسة واللي بيشتغلوها ... مش كان كفاية البزنس....... لأ ... وحياتك يا حبيبتي ماينفع ... كان علي عيني والله ... انتوا تأنسوا وتشرفوا في اي وقت الا اليومين دول... أبو العيال يزعل وبعدين دا قالب عليا وبيعايرني بيكي من ليلة امبارح ... وماسكهالي زلة ... شوفتي صاحبتك واللي عملتوا في جوزها ... وانا بيني وبينك مش قادرة اتكلم دلوقتي ... حاضر لما يهدي ويفضي هاقوله ... خللي بالك من نفسك ومن جوزك في جده ...والبسي طرحه لأحسن هناك عينيهم زايغه...... وضحكة حريمي طوييييله...!
الشاهد اللي بعده: الراجل مدير مكتب الزعيم دخل عليه العصريه غرفة نومه "مانت عارف ...بيحب يريح العصرية"
ياسيادة الزعيم ... يا سيادة الزعيم ... بن علي هرب يا فندم والمظاهرات والعه في تونس ... والناس في بلدنا بتأيد وتبارك ثوار تونس.
فكان رد الزعيم بجملته الماثورة:
بقي قالقني من عز النوم علشان الخبر ده "يا راجل كبر مخك".
الشاهد الاخير "المتبقي بعد اعتقال السابقين": بص بأه يا عم الحاج اللي حصل بالظبط ان الست مراته دخلت عليه الصبحية جريوهوا بيشرب الشاي بعد ماخلص الرياضه "حكم هوا رياضي من صغره"
"الحق يا حاج ... الحق يا حاج ... المظاهرات قلبت تونس و صاحبك بن علي خد المدام وهرب علي جده"
الزعيم هادي ... اه ... طول عمره هادي وحكيم
رد عليها بهدوء:
"اطمني يا حاجه ....مافيش مظاهرات بتحصل في شرم الشيخ
وبعدين جده من هنا فركة كعب...!"
بعد اعتقال الشاهد الاخير ...
أنا بقي شخصيا ماشوفتش ولا أعرف اي حاجه...!
الزمان: صباح اليوم التالي لهروب الرئيس التونسي
المكان: البلد المقهوره اللي شبه تونس
الحدث: شهادات الشهود علي مادار في قصر الرئاسه منذ اعلان خبر الهروب
الشاهد الأول: ياباشا الزعيم بتاعنا أصلا في غيبوبة وماعرفش بالخبر ... يا باشا صدقني اللي بيطلع في التلفزيون ده واحد شبهه ... داحتي بيقولوا انه مات من زمان أصلا وحكاية الغيبوبة دي أوشاعة...!
الشاهد الثاني: والله العظيم انتوا ظالمين الريس بتاعنا معاكوا ... ماقلتلكم ألف مرة قبل كده ... الناس اللي حواليه بيخبوا عنه الحقايق ...يعني من الاخر ممكن يكون ماعرفش لسه أصلا.
هيا المشكلة في الجماعة اللي حواليه .. منهم لله بوظوا البلد...!
الشاهد الثالث: أنا النهاردة كنت معدي هناك جنب القاعدة الجوية اياها ... وشفت زحمة و"قلق" بيقولا أن في كام طارة هليكوبتر محططوطين علي أهبة الاستعداد...!
الشاهدالرابع: مصادري الخاصة الموثوق فيها بتؤكد ان وزارة الخارجية اعلنت حالة الطوارئ ومنعت اجازات المظفين واستدعت كمان اللي في اجازات و بتجري اتصالات مكثفة مع سفارتنا بالخارج ووزارات الخارجية بمختلف العواصم العالمية
سيادة الزعيم ممكن يتضايق لو لف كتير بالطيارة لازم يبقي في اعداد كويس للزيارة .. اسف .. للهروب المفاجئ.
الشاهد الخامس: بص بأه ... انا هاجيبلك من الاخر.... الواد ابن اختي مجند في الحرس الرئاسي اللي مع الهانم ...! المنيل بيقول ان الريس من ليلة امبارح ماجالوش نوم وعامل اجتماعات لدراسة تداعيات الموقف بس بيقولك ايه كمان ان الهانم جاتلها كام مكالمة ... هوا مش عارف من مين ... بس هوا سمعها بتقول" مانتي اللي غلطانة... حد قالك تمكسهم مناصب سياسية ... بلا نيلة علي السياسة واللي بيشتغلوها ... مش كان كفاية البزنس....... لأ ... وحياتك يا حبيبتي ماينفع ... كان علي عيني والله ... انتوا تأنسوا وتشرفوا في اي وقت الا اليومين دول... أبو العيال يزعل وبعدين دا قالب عليا وبيعايرني بيكي من ليلة امبارح ... وماسكهالي زلة ... شوفتي صاحبتك واللي عملتوا في جوزها ... وانا بيني وبينك مش قادرة اتكلم دلوقتي ... حاضر لما يهدي ويفضي هاقوله ... خللي بالك من نفسك ومن جوزك في جده ...والبسي طرحه لأحسن هناك عينيهم زايغه...... وضحكة حريمي طوييييله...!
الشاهد اللي بعده: الراجل مدير مكتب الزعيم دخل عليه العصريه غرفة نومه "مانت عارف ...بيحب يريح العصرية"
ياسيادة الزعيم ... يا سيادة الزعيم ... بن علي هرب يا فندم والمظاهرات والعه في تونس ... والناس في بلدنا بتأيد وتبارك ثوار تونس.
فكان رد الزعيم بجملته الماثورة:
بقي قالقني من عز النوم علشان الخبر ده "يا راجل كبر مخك".
الشاهد الاخير "المتبقي بعد اعتقال السابقين": بص بأه يا عم الحاج اللي حصل بالظبط ان الست مراته دخلت عليه الصبحية جريوهوا بيشرب الشاي بعد ماخلص الرياضه "حكم هوا رياضي من صغره"
"الحق يا حاج ... الحق يا حاج ... المظاهرات قلبت تونس و صاحبك بن علي خد المدام وهرب علي جده"
الزعيم هادي ... اه ... طول عمره هادي وحكيم
رد عليها بهدوء:
"اطمني يا حاجه ....مافيش مظاهرات بتحصل في شرم الشيخ
وبعدين جده من هنا فركة كعب...!"
بعد اعتقال الشاهد الاخير ...
أنا بقي شخصيا ماشوفتش ولا أعرف اي حاجه...!
الجمعة، 14 يناير 2011
دعييت في المطره؟؟؟
دخل المكتب مسرعا هاربا من الأمطار الشديدة بالخارج
خلع معطفه وهو يلقي عليها التحية
ويداعبها كالعادة
زميلته في العمل علي المكتب المجاور له
تماما كما تعود ان يشاغب طيلة الخمس سنوات التي جمعتهما معا في ذلك المكان
"يانهار ابيض انت اخدت المطره كلها وانت جاي؟؟ معلش"
طبعا كانت هي
"هانعمل ايه في اكل العيش بس"
طيب بيقولوا الدعاء في المطر مستجاب...افتكرت تدعي ... ولا كنت مشغول كالعادة بالمعاكسه ...!"
واضح انها تعرفه تماما ...فالخمس سنوات ليست بالفترة القليلة
وضغوط العمل ...غالبا تظهر الطبائع
وهو لم يكن بالشخص المصطنع
"طبعا دعيت ... مانتي عارفاني اعرف اعمل كذا حاجه في نفس الوقت...!"
مبتسما طبعا و"وغامزا" بعينه اليمني.
"طب دعيت بايه؟"
"دعيت عليكي طبعا...!"
كانت اجابته سريعه ... متخذه ذلك الطابع المرح الذي يصبغ دائما أغلب كلماته
"حرااام عليك...ليه كده بس؟ طب دعيت عليا بايه..؟؟"
.
.
.
رد بسرعة بديهته المعتاده دون فاصل ما بين سؤالها واجابته:
"تبقي شريكة حياتي .... ايه رأيك ؟"
ولأول مرة تستطيع أن تجاريه في الحوار
ولأول مره ترد بسرعة البرق
"اللهم امين ... ياااه دا دعائي من خمس سنين"
بس الظاهر ان الدعاء في المطر مستجاب
خلع معطفه وهو يلقي عليها التحية
ويداعبها كالعادة
زميلته في العمل علي المكتب المجاور له
تماما كما تعود ان يشاغب طيلة الخمس سنوات التي جمعتهما معا في ذلك المكان
"يانهار ابيض انت اخدت المطره كلها وانت جاي؟؟ معلش"
طبعا كانت هي
"هانعمل ايه في اكل العيش بس"
طيب بيقولوا الدعاء في المطر مستجاب...افتكرت تدعي ... ولا كنت مشغول كالعادة بالمعاكسه ...!"
واضح انها تعرفه تماما ...فالخمس سنوات ليست بالفترة القليلة
وضغوط العمل ...غالبا تظهر الطبائع
وهو لم يكن بالشخص المصطنع
"طبعا دعيت ... مانتي عارفاني اعرف اعمل كذا حاجه في نفس الوقت...!"
مبتسما طبعا و"وغامزا" بعينه اليمني.
"طب دعيت بايه؟"
"دعيت عليكي طبعا...!"
كانت اجابته سريعه ... متخذه ذلك الطابع المرح الذي يصبغ دائما أغلب كلماته
"حرااام عليك...ليه كده بس؟ طب دعيت عليا بايه..؟؟"
.
.
.
رد بسرعة بديهته المعتاده دون فاصل ما بين سؤالها واجابته:
"تبقي شريكة حياتي .... ايه رأيك ؟"
ولأول مرة تستطيع أن تجاريه في الحوار
ولأول مره ترد بسرعة البرق
"اللهم امين ... ياااه دا دعائي من خمس سنين"
بس الظاهر ان الدعاء في المطر مستجاب
الثلاثاء، 4 يناير 2011
رسالة الي كل اخوتي المسيحين
رسالة الي كل اخوتي المسيحين
أعلم أنا مصابكم عظيم , وادرك حجم الألم الذي تشعرون به تماما بل أشعر به مثلكم تماما. ولكن ما دفعني لكتابة هذه السطور العديد من المواقف التي حدثت وتحدث خلال اليومين السابقين بعد حادثة الاسكندرية.
أعلم ايضا انه هناك من سيسئ فهمي أو تترك كلماتي عنده صدي غير ماكنت اقصد لكن ارجو من قارئ سطوري أن يحسن الظن بي فيدرك مغزي الكلام ويفهمه كما هو دون تأويل أو تفسير.
فما حدث بعد الحادث مباشرة من تراشق بالحجارة بين شباب الكنيسة المصابة وبعض شباب المنطقة وما سبقه من تهجم علي المساجد بالمنطقة وما تلي ذلك من أحداث ومواقف قد تبدو صغيرة في حجمها لكنها تعكس ابعاد كارثة حقيقية لابد من مواجهتها بعيدا عن دفن الرؤوس في الرمال.
أسرد لكم منهم موقفين صغيرين رصدتهم علي مدار اليومين السابقين أولهم ذلك الموقف الذي صدر من الزميلة الممرضه مع أحد أساتذة الباطنة أثناء مروره علي مريضه بأحد المستشفيات الخاصة حيث دخلت للمرور معه وهي عبوسة الوجه دون أن تحيه اطلاقا أو تبتسم ابتسامتها المعهودة لكل الأطباء كبيرهم وصغيرهم فما كان منه الا أن بادرها بقوله "كيف حالك يا فلانه... ماتزعليش من اللي حصل ... كلنا زعلانين بجد" فكان رد الفعل الغريب... جدا... حيث ألقت بملف المريض علي السرير بعنف وتركت الحجر مغلقة الباب وراءها بعنف أكثر وسط دهشة الأستاذ ونائبه ومريضه وأهله...!
الموقف الثاني... وقد حكاه لي أحد المدرسين بمدرسة ابتدائية ولم أكن لأصدقه لولا تأكيده علي صدق الكلام
حكي لي ذلك الصديق عن مدي حزن الطلاب المسيحين عند نزولهم للمدرسة في أول يوم دراسي بعد الحادثة "وهو ماصدقته وقدًرته" ولكن ماهالني هو أنه اكد لي أن هؤلاء الأطفال "في المرحلة الابتدائية" رفضوا الكلام تماما مع زملائهم المسلمين في ذلك اليوم
بل تعدي الأمر الي عدم الرد أحيانا علي المدرسين "المسلمين طبعا"...!
لا أعرف هل أضخم الأمر؟أم أن ما يحدث من مواقف ينبئ بكارثة حقيقية بعد سنوات ليست ببعيدة؟
أذكر تماما تلك الحوارات التي كانت تدور بيننا ونحن صبية بالاعدادية أو الثانوية
وتعصبنا كل من لدينه وجدالنا الدائم حول صلب المسيح من عدمه.. ولكن ايضا ما أذكره هوا انتهاء تلك الحوارات بضرب جرس الحصة "الفاضية اللي كنا بنتكلم فيها" ولا يترك الحديث أي أثر تقريبا عند كل منا.
ولا أنسي أيضا استشهادي في كثير من المواقف واستشهاد زملائي المسيحين "أيضا" بتلك الايه "لكم دينكم ... ولي دين" حينما يصل كل منا الي طريق مسدود أو يعجز كل منا عن الرد علي تساؤلات الاخر.
نعم ... كانت بيننا هذه الحوارات, ولكن دون اثر حقيقي, أذكر تمام ذلك اليوم الذي اصطحبني فيه ماجد معه لحضور قداس أحد الأعياد بالكاتدرائية , وأذكر ايضا حينما سمعني أتلوا القران في اذاعة المدرسة فطلب مني أن اتلوه بصوت مميز كما يسمعه في الراديو, اذكر انتهازنا لفرصة اجازة العيدين للخروج سويا او اللقاء "حتي الان" وكذلك أجازة عيد الميلاد.
ليس هدفي هنا سرد ملامح للوحد الوطنية كما يحلو لهم أن يسموها ولا لأوضح انه لا فرق بيننا لكن هدفي هو دق ناقوس الخطر وبقوة.
فقد هالني ذلك الغضب العارم تجاه ماهو مسلم بالرغم من ادراك أبسط الناس عقلا هدف ما يحدث
وأفزعني ذلك السخط الموجه توجيها خاطئا تجاه رموز دينيه كمسجد أو شيخ أو حتي نداء الله أكبر الذي زعم البعض أنه كان يردد أثناء الانفجار...!
هذا قد يعني ...
لكم الحق أن تعضبوا ... ولكن لابد أن تدركوا ممن.
لكم الحق أن تثورا ... ولكن علي نظام جائر لا دين عادل أصحابه مقهورون أيضا.
لكم الحق الا تصمتوا بعد اليوم ... فصمتكم دام طويلا ... لكن فليعلوا صراخكم في وجه الظالم الحقيقي.
وجهوا الغضب ... هذبوا الحزن ... أعرفوا العدو ... أدركوا حقيقة الأمر قبل فوات الاوان
ولنا في السودان ...عبرة ... لأولي الابصار.
بقيت كلمة ... عبروا عن حزنكم ... ولكن عبروا أيضا عن وحدتنا فلابد أن يخطوا كل منا خطوة تجاه الاخر حتي نصل لبعضنا البعض.
أعلم أنا مصابكم عظيم , وادرك حجم الألم الذي تشعرون به تماما بل أشعر به مثلكم تماما. ولكن ما دفعني لكتابة هذه السطور العديد من المواقف التي حدثت وتحدث خلال اليومين السابقين بعد حادثة الاسكندرية.
أعلم ايضا انه هناك من سيسئ فهمي أو تترك كلماتي عنده صدي غير ماكنت اقصد لكن ارجو من قارئ سطوري أن يحسن الظن بي فيدرك مغزي الكلام ويفهمه كما هو دون تأويل أو تفسير.
فما حدث بعد الحادث مباشرة من تراشق بالحجارة بين شباب الكنيسة المصابة وبعض شباب المنطقة وما سبقه من تهجم علي المساجد بالمنطقة وما تلي ذلك من أحداث ومواقف قد تبدو صغيرة في حجمها لكنها تعكس ابعاد كارثة حقيقية لابد من مواجهتها بعيدا عن دفن الرؤوس في الرمال.
أسرد لكم منهم موقفين صغيرين رصدتهم علي مدار اليومين السابقين أولهم ذلك الموقف الذي صدر من الزميلة الممرضه مع أحد أساتذة الباطنة أثناء مروره علي مريضه بأحد المستشفيات الخاصة حيث دخلت للمرور معه وهي عبوسة الوجه دون أن تحيه اطلاقا أو تبتسم ابتسامتها المعهودة لكل الأطباء كبيرهم وصغيرهم فما كان منه الا أن بادرها بقوله "كيف حالك يا فلانه... ماتزعليش من اللي حصل ... كلنا زعلانين بجد" فكان رد الفعل الغريب... جدا... حيث ألقت بملف المريض علي السرير بعنف وتركت الحجر مغلقة الباب وراءها بعنف أكثر وسط دهشة الأستاذ ونائبه ومريضه وأهله...!
الموقف الثاني... وقد حكاه لي أحد المدرسين بمدرسة ابتدائية ولم أكن لأصدقه لولا تأكيده علي صدق الكلام
حكي لي ذلك الصديق عن مدي حزن الطلاب المسيحين عند نزولهم للمدرسة في أول يوم دراسي بعد الحادثة "وهو ماصدقته وقدًرته" ولكن ماهالني هو أنه اكد لي أن هؤلاء الأطفال "في المرحلة الابتدائية" رفضوا الكلام تماما مع زملائهم المسلمين في ذلك اليوم
بل تعدي الأمر الي عدم الرد أحيانا علي المدرسين "المسلمين طبعا"...!
لا أعرف هل أضخم الأمر؟أم أن ما يحدث من مواقف ينبئ بكارثة حقيقية بعد سنوات ليست ببعيدة؟
أذكر تماما تلك الحوارات التي كانت تدور بيننا ونحن صبية بالاعدادية أو الثانوية
وتعصبنا كل من لدينه وجدالنا الدائم حول صلب المسيح من عدمه.. ولكن ايضا ما أذكره هوا انتهاء تلك الحوارات بضرب جرس الحصة "الفاضية اللي كنا بنتكلم فيها" ولا يترك الحديث أي أثر تقريبا عند كل منا.
ولا أنسي أيضا استشهادي في كثير من المواقف واستشهاد زملائي المسيحين "أيضا" بتلك الايه "لكم دينكم ... ولي دين" حينما يصل كل منا الي طريق مسدود أو يعجز كل منا عن الرد علي تساؤلات الاخر.
نعم ... كانت بيننا هذه الحوارات, ولكن دون اثر حقيقي, أذكر تمام ذلك اليوم الذي اصطحبني فيه ماجد معه لحضور قداس أحد الأعياد بالكاتدرائية , وأذكر ايضا حينما سمعني أتلوا القران في اذاعة المدرسة فطلب مني أن اتلوه بصوت مميز كما يسمعه في الراديو, اذكر انتهازنا لفرصة اجازة العيدين للخروج سويا او اللقاء "حتي الان" وكذلك أجازة عيد الميلاد.
ليس هدفي هنا سرد ملامح للوحد الوطنية كما يحلو لهم أن يسموها ولا لأوضح انه لا فرق بيننا لكن هدفي هو دق ناقوس الخطر وبقوة.
فقد هالني ذلك الغضب العارم تجاه ماهو مسلم بالرغم من ادراك أبسط الناس عقلا هدف ما يحدث
وأفزعني ذلك السخط الموجه توجيها خاطئا تجاه رموز دينيه كمسجد أو شيخ أو حتي نداء الله أكبر الذي زعم البعض أنه كان يردد أثناء الانفجار...!
هذا قد يعني ...
- وجود حالة من التعبئة والشحن النفسي وتراكمات السنين تجاه الاسلام "قد يكون في بعضها حقا...نظرا لمخالفات حدثت وتحدث من أشخاص مسلمين... لكن لا يعني ذلك أنهم يتحدثون باسم الاسلام أو يتصرفون باسمه ... والا لكان من السهل اعتبار القس زكريا وغيرهم ممن يسيؤن للأسلام ونبيه أوصياء ومتحدثين باسم المسيحيه...!".
- عدم القدرة علي السيطرة علي النفس في وقت الانفعال ... وخاصة اننا ندرك أن الهدف مما حدث هو الأنفجار.
- عدم القدرة علي تحديد المخطئ الحقيقي في حق مسيحي مصر, فالعاقل الهادئ لابد أن يدرك أن النظام القائم منذ سنين هو المتهم الأول فيما يحدث الان فلا هو أعطي مسيحي حقه ولا حتي مسلم ايضا, بل علي العكس يزيد من حالة الاحتقان ويغذيها بتصرفا حمقاء تزيد الفجوة عمقا واتساعا "لا مجال لسردها الان".
- اصرار النظام علي استغلال الكنيسة وشعبها كأداه سياسية وانجراف الكنيسة وقياداتها لتلك اللعبه أملا في كسب المزيد من الحقوق المهضومة , واتباع النظام سياسة العصاه والجزرة ... فعندما يخرج شباب الكنيسة منذ فترة ليست ببعيده بمظاهرات لسبب ما تجد جريدة صفراء تنشر سفالات لا تليق لتشهر بأحد القساوسة , وحينما يحضر البرادعي قداس عيد الميلاد السابق تجد عصاة أخري ترفع في وجه الكنيسة لتؤكد هذا العام عدم دعوته بعد أحداث كنيسة العمرانية...! "وغيرها من المواقف التي أتعجب لعدم أدراك الكثيرين لرابط فيما بينها..!
- حالة الفصام التي نعيشها في مصر مسلمين ومسيحين خاصة من ابناء الجيل الجديد , فيحلم كل منا بالنموذج الأمريكي في حريته ورقيه وانفتاحه ولكن علي ارض الواقع ينغلق كل منا وتبرز حاله من التطرف والتحيز والتعصب لتري محلات عيد لبيب تفعل تمام ما يصنعه التوحيد والنور وشركة "كذا" و"كذا" في مجال سوق الدواء وتصنيعه تجد شركة "كذا" الأخري تحاول أن تفعل عكسه وغيرها من المواقف الواضحة الجلية.
- مواقف اشهار الاسلام أو التنصر .... نتشدق بقوة بلبانة الحرية ولكن حينما تمس هذه الحرية حرية العقيدة تجد كل منا وقد عاد قرونا الي مرحلة الجاهلية وعصبيتها فلا أحد حر في أن يختار ... ولد مسلم ... فليظل كذلك...ولدت مسيحية ...فلتمت علي دين أهلها....! طبعا كنتاج طبيعي لحالة من القمع الذي يعيشه المجتمع منذ سنوات طويلة ليصبح شعار كل منا ... اذا استطعت أن تَقْهر ..فلا تتردد فأنت تُقْهر طوال اليوم...!
لكم الحق أن تعضبوا ... ولكن لابد أن تدركوا ممن.
لكم الحق أن تثورا ... ولكن علي نظام جائر لا دين عادل أصحابه مقهورون أيضا.
لكم الحق الا تصمتوا بعد اليوم ... فصمتكم دام طويلا ... لكن فليعلوا صراخكم في وجه الظالم الحقيقي.
وجهوا الغضب ... هذبوا الحزن ... أعرفوا العدو ... أدركوا حقيقة الأمر قبل فوات الاوان
ولنا في السودان ...عبرة ... لأولي الابصار.
بقيت كلمة ... عبروا عن حزنكم ... ولكن عبروا أيضا عن وحدتنا فلابد أن يخطوا كل منا خطوة تجاه الاخر حتي نصل لبعضنا البعض.
"كل سنة واحنا اخوات بجد ويارب اجعلها اخر الأحزان"
أحمد رمزي
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)