دولا تعرف ماتريد (2)
تركيا...وصحوة العثمانيون الجدد
المتأمل في حادث السفينة مرمرة يلحظ أيضا "كما سبق وتكلمنا عن الموقف الاسرائيلي" يلحظ أن تركيا كانت تعرف احتمالية قيام الكيان الصهيوني بعملية مغامرة لمنع وصول القافلة الي غزة ولكن ... هل المكاسب التركية من جراء التصرف الاسرائيلي الارعن توازي أرواح ال 19 قتيل "منهم 15 تركيا"؟
1. المراقب للمواقف التركية منذ فترة ليست بالقريبة "وخاصة بعد تولي السيد رجب طيب أردوغان سدة الحكم" يري أن النظام التركي بدأ يدرك تماما بعد محاولات استمرت لعقود عديدة أنه ليس أوروبيا بالمرة, و أن الهرولة خلف الاتحاد الأوروبي لن تعود عليه بشئ خاصة وأن العقلية الأوروبية عقلية علمية تفهم حقائق التاريخ تماما ولا تنسها
ولا تنسي أبدا الحكم العثماني وفتوحاته التي امتدت في العمق الأوروبي و لا السيطرة العثمانية علي الدول الاوروبية الكثيرة وطمس هويتها وأحيانا ابادة اهلها "علي حد رواياتهم", فايقنت تماما أنه لا أمل في أوروبا وأن الرجوع الي الشرق هوا الخيار الصائب.
2. تدرك تركيا تماما أن قدراتها التنافسية في مجل التصنيع والتجارة غالبا أقل من قوة العملاق الأوروبي وتدرك أيضا انها تمثل سوقا قوية لمنتجاته ولكن منتجاتها ستواجه العديد من الصعوبات "لاعتبارات الحاضر والماضي ايضا" وبنظرة للشرق تجد تركيا سوقا استهلاكيا ضخما تستطيع أن تضخ فيه البضائع لتجني المليارات وبدون قيود جودة صارمة كما هو الحال في دول التحاد الأوروبي.
3. لأول مرة نلحظ عدم تدخل الجيش العلماني المتشدد في تركيا أو اعتراضه علي التوجهات الاسلامية الجديدة لحزب العدالة "وهو ماكان مرفوضا من قبل تماما وبكل الاشكال وصلت في فترة من الفترات القريبة وليست البعيدة الي درجة عزل رئيس الوزراء وحل حزب الرفاة الاسلامي"
مما يعكس حالة من الاتفاق والوفاق السياسي علي توجهات الدولة
وأن الفكرة ليست في وجود السيد رجب طيب فقط أو عدم وجوده انما في ادراك أهمية البعد القومي الاسلامي أو ان جاز التعبير العثماني وتأثيره العميق في شخصية المواطن التركي وانعكاس كل ذلك علي نمو واستقرار البلاد وتوحدها.
4. ادركت تركيا بعد سنوات طويلة من الركض خلف الاتحاد الأوروبي أن التبعيه لكيان قوي لن تعطيك القوة كما تتخيل وأن القوة هي ماتجعل الكيانات القوية تسعي الي ضمك لها لتزداد قوة ولتأمن شرك.
5. أدركت تركيا أيضا أن السياسة تعني عدم ثبات التوجهات أو المواقف وأن حفاء اليوم ممكن أن يصبحوا أعداء الغد والعكس ايضا... مما بعني ضرورة وجود هوية خاصة وشخصية مميزة للدولة تفرض علي الأخرين احترام ارائها وتوجهاتها.
6. تأتي النقطة الأكثر أهمية في الموضوع ... وهو ادراك القيادة التركية لحقيقة غابت "أو غيبت" كثيرا عن دول العالم الاسلامي وهي فكرة القومية الاسلامية أو لنقل فكرة "الأمة الواحدة" والتي عمل الاختلال علي طمسها منذ بدايات القرن الماضي وزوال الدولة العثمانية واحلالها بمبادئ القومية العربية والهوية الافريقية والوحدة الخليجية وغيرها من التكتلات التي تساهم في تفكيك الامة ثم ظهور النزعات الوطنية كالنزعه الفرعونية في مصر والتوجهات البربرية الجزائرية و عروبة السعودية وشيعية العراق ودرزية وشيعية ومسيحية و ..و.. لبنان!!
أدركت تركيا أن الرهان علي أكثر من مليار ونصف مسلم حول العالم متعطشين لمن يجمعه أدركت انه الرهان الرابح تماما.
7. تدرك أيضا تركيا "حكومة وجيشا" أن احساس الكرامة والعزة والقوة النفسية المتنامي لدي الشعب يخلق نوعا من التوحد والاجتماع بين كل فئات الشعب ويخلق ايضا نوعا من لشعور بالرضا عن أداء الدولة بمختلف أجهزتها "علي عكس الكثير من الأنظمة المحيطة بنا!".
8. لعب الأدوار الرئيسيه في المحافل الدولية يتطلب الكثير من الجراءة والمغامرة والتصرفات غير المألوفه لجعل الخصوم يتوقعون دائما الكثير منك فيوضع لك وزن وحساب و هو ما بات واضحا من التقارب التركي - السوري والتركي - الايراني والتوجهات الي أمريكا اللاتينية والي دول اسيا... وغيرها من الكيانات الصغيرة نسبيا
أو الخارجة عن القطيع الامريكي العالمي.
كل ذلك يجعل الولايات المتحده وحلفاءها من الاتحاد الاوروبي واسرائيل لاعادة النظر في حساباتها مرة اخري تجاه الحليف التركي المتمرد واعطاءه مساحة أكبر ومكاسب أقيم من ذي قبل.
خلاصة القول...
أدركت تركيا أن الهوية و الانتماء واحترام النفس ... هم الطريق الرئيسي لاحترام الاخرين.
أو بمعني اخر ... أدركت تركيا تماما ما تريد فاحترمت نفسها ...فاحترمها العالم أجمع.
وللحديث بقية....
أحمد رمزي